النظام المصرفي المزدوج: كارثية التطبيق

رئيس الهيئة العليا للرقابة الشرعية يطالب صانعي القرار بالتراجع عن قرار تطبيق النظام المصرفي المزدوج بالسودان
المركزي: تطبيق النظام المزدوج يعاني من تعقيدات ترتبط بالأنظمة التقنية والبشرية وقد يتطلب التحول إليه عدة سنوات
مصرفي: هناك تحد يواجه المحفظة التمويلية القادمة وعلى المركزي أن يكون مستعدا للمواجهة
طه الطيب: إحصائيات المركزي وجود ٤٥٠ مليار حساب جاري و٢٥٠ حساب توفير و١٠٠مليار حسابات مالية أما البنوك الإسلامية زيرو
الخرطوم: هنادي النور
رسم خبراء مصرفيون واقعا مظلما حول مآلات تطبيق النظام المصرفي المزدوج بالسودان الذي يواجه تحديا كبيرا للمصارف التي سوف تتأثر موازناتها بشكل كبير في السياسات والنظام التقني اضافة الى الجمعيات العمومية للمصارف ستكون امام خيار في تحديد وجهة البنك إما تقليدي أو إسلامي هذا الأمر وجد جدلا واسعا خلال الندوة التي نظمتها الهيئة العليا للرقابة الشرعية على المصارف والمؤسسات المالية بالقاعة الكبرى بأكاديمية السودان للعلوم المصرفية والمالية.
وفي ذات الاثناء طالب رئيس الهيئة العليا للرقابة الشرعية بروفيسور عبدالله الزبير صانعي القرار بالتراجع عن قرار تطبيق النظام المصرفي المزدوج بالسودان، وبرر ذلك باعتماد النظام التقليدي اباحة واضحة للربا لبلد مسلم وجزم بالقول لا يجوز لحاكم مسلم القبول بالربا قاطعا بعدم وجود مسوغ للعودة للنظام التقليدي وأردف اي قانون يبيح الحرام فهو باطل وشدد على قادة الدولة بالتراجع عن تطبيق النظام المصرفي التقليدي بالسودان، ودعا الى أهمية التوسع في تطييق النظام المصرفي الاسلامي وتطوير منتجاته.
ومن جانبه أكد ممثل بنك السودان المركزي بإدارة السياسات عبد الرحيم خليفة أن تطبيق النظام المزدوج يعاني من تعقيدات وتحديات كبيرة ترتبط بالأنظمة التقنية والبشرية وقد يتطلب التحول إليه عدة سنوات.
كاشفا عن وجود لجان بالبنك المركزي تعمل على دراسة تطبيق النظام المصرفي المزدوج ورجح استمرار البنوك الإسلامية في تطوير منتجاتها وإنشاء بنوك تقليدية.

وقطع بتبني بنك السودان التحول إلى النظام المصرفي المزدوج جاء بناء على القرار 505 لمجلس الوزراء وهو يأتي في إطار الانفتاح الاقتصادي العالمي متوقعاً دخول بنوك أجنبية للبلاد أو إنشاء بنوك جديدة في ظل الانفتاح وقال إن البنك المركزي معني بتوفير السياسات والقوانين واللوائح التي تمكنه من إدارة تلك البنوك.
وفي السياق ذاته قال مدير عام بنك الخليج عبدالخالق السماني ان القرار يواجة تحديات كبيرة في التنفيذ. وقال يجب أن تكون هناك نظرة من التأني والتفاكر كي لا يحدث نوع من التغيير لجهة ان هناك ٣٧بنكا يعمل بالنظام الإسلامي.
وجزم بأن القرار في حد ذاته يتطلب تغييرا استراتيجيا لرؤية هذه البنوك وأضاف فإن المصارف الجديدة لن يكون لديها اثر كبير لجهة ان تنفيذها سيكون من البداية واضحا باختيار النظام الذي تريده .
مهددات ..
واشار الى النظام الإسلامي تم تطبيقه بالسودان منذ العام ١٩٨٤ وهذا الوضع لم يجد له مثالا في دول العالم،وقال ان القرار يواجه تحديات كبيرة في التنفيذ،وأضاف أن خيارات المصارف اتباع النظام المصرفي الإسلامي اما بالحفاظ على الوضع الحالي للمصارف دون تغيير في انظمتها المحاسبية والحفاظ على نظم الحاسب الآلي او التعديل لأي نظام آخر اضافة الى الهيكل الإداري و الموظفين الذين لديهم الرغبة الذاتية في الانتماء للنظام المصرفي الإسلامي.

واشار السماني ان الودائع وهي التحدي الأكبر لجهة أنها اساس لقيام اي مصرف وحال ظهر نظام تقليدي فجأة نتوقع ان تحسب هذه الودائع .
وأردف سنواجه بانتقادات عنيفة بأن النظام المصرفي الإسلامي منتجاته محدودة وبذلك يمكن التساؤل الى اي مدى ان النظام المصرفي الإسلامي لديه المقدرة على استنباط منتجات جديدة تنافس المنتجات التقليدية.
وأشار إلى ان هيئة الرقابة الشرعية قد انسحبت من حضور الندوة وأعاب عليه عدم الحضور قائلا ” كان لابد من الحضور لمزيد من المداولات والنقاش حول هذا النظام ” ووصف ذلك بالتحدي.
وقال يجب أن يتم وضع تبديل للبنك المركزي لصيغة استلاف مابين سوق البنوك بأن تستلف من البنوك التقليدية بمنتج ليس به نوع من المشاكل الشرعية.
كما أشار الى ان هناك تحديا يواجه المحفظة التمويلية القادمة. وقال لابد أن يكون البنك المركزي على استعداد لمواجهة تلك التحديات .
اضافة الى الكوادر البشرية يجب أن يتم تأهيلها وان تخصص في إصدار منتجات وودائع للمصرف الإسلامي للحافظ على المحفظة التمويلية وايضا المنتجات الإسلامية .
وذكر بالقول اي بنوك جديدة لن تواجه إشكالية اما بالنسبة للبنوك القائمة سيكون اول تعديل جذري لابد من قرارات وان يضع لها الحلول قبل الذهاب الى النظام التقليدي. لكيفية التحول من نظام إسلامي الى تقليدي لجهة ان لديه محفظة اسلامية قائمة إسلامية .وهذا يحتاج الى تغيير موظفين للكادر البشري لأنهم يعملون على المنتجات التقليدية.
فيما اقر مدير بنك الاستثمار المتحد ورئيس الجلسة طه الطيب بوجود تحديات تواجه المصارف الإسلامية وجزم بأن هناك خلطا في تحديث العرض والمنتج كاشفا عن إحصائيات البنك المركزي بوجود ٤٥٠ مليار حساب جاري و٢٥٠ حساب توفير و١٠٠مليار حسابات مالية اما البنوك الإسلامية زيرو.
نجاح النظام
ويرى عضو الهئية العليا للرقابة الشرعية د. عبدالمنعم محمد الطيب في ورقته بعنوان” تطبيق النظام المصرفي المزدوج في السودان”ان نجاح النظام يتوقف على بناء رؤية تأخذ في الاعتبار مختلف الجوانب المرتبطة بالاطراف الاساسية والمساعدة المشاركة بالاضافة الى دراسة الايجابيات والسلبيات التي صاحبت التجارب السابقة مع الاخذ في الاعتبار التجارب الخارجية والتغيرات والتطورات التي طرأت على النشاط المصرفي على كافة المستويات،وحذر من التسرع في التطبيق الذي يؤدي الى نتائج غير مرغوب فيها لجهة ان القطاع المصرفي يعد العامود الفقري للاقتصاد الكلي وله ارتباطات متشعبة مع كافة مكونات وادوات السياسة الاقتصادية مما يلزم على القائمين على ادارة الاقتصاد وتحديدا ما يتصل بالسياسة المالية والتمويلية توخي الحذر عند اتخاذ القرارات التي تصب في تحقيق المصلحة الكلية للدولة من قطاعات ومؤسسات وافراد مجتمع.
وأوصى البنك المركزي بعمل دراسة وتعديل في القوانين واللوائح والضوابط لتتماشى مع متطلبات النظام المصرفي المزدوج وتكوين ادارات او وحدات منفصلة للاشراف والرقابة على النظامين الاسلامي والتقليدي، واعداد سياسات بنك السودان المركزي بما يشمل نشاط المصارف الاسلامية والتقليدية ويحقق الاهداف الاقتصادية الكلية،فضلا عن دراسة الآثار الايجابية والسلبية بتطبيق النظام المصرفي المزدوج على الاقتصاد الكلي ،بجانب مراجعة وتحديث النظم التقنية للبنك المركزي بما يتلاءم مع النظام المصرفي المزدوج،والبحث عن آليات التعاون والتنسيق بين المصارف الاسلامية والتقليدية في تنفيذ سياسات وضوابط بنك السودان المركزي .
وأوصى المصارف التي ترغب بالتحول للنظام التقليدي بدراسة وتحليل التحول من النظام المصرفي الاسلامي الى التقليدي فيما يتصل بملاك المصرف وتوجيهاتهم،وتحديد آثار التحول على النظم الادارية والمالية والتقنية والمصرفية وبيان التكاليف المادية والمعنوية،،الى جانب اعداد استراتيجية شاملة للتحول من النظام الاسلامي الى النظام التقليدي من خلال خارطة طريق متدرجة تضمن جدولة زمنية للتحول.
خيارات المصارف
ويؤكد مدير بنك الخليج عبدالخالق السماني في ورقته “خيارات المصارف السودانية لتطبيق النظام المصرفي المزدوج” صعوبة مواءمة النظام المصرفي التقليدي لنظام السياسات التمويلية التي تصدر مستهدفة دعم القطاعات ذات الأولية مثل القطاع الزراعي والصناعي إضافة لقطاع الصادر وبرامج التمويل الأصغر حيث تبين فاعلية التمويل الإسلامي وإمكانية توجيه الموارد في تمويل هذه القطاعات الهامة وذلك لتفرد وخصوصية المنتجات الإسلامية في التمويل إذ أن جميع المنتجات عدا السلم والمضاربة المطلقة قائمة على تمويل الأصول والخدمات عبر جميع الصيغ الشيء الذي جعل من السهولة تحكم بنك السودان المركزي بالتنسيق مع وزارة المالية في توجيه الموارد المتاحة في المصارف لتمويل القطاعات ذات الأولوية،عليه فإن مقارنة ذلك بمنتجات النظام التقليدي في التمويل والقائم على السحب المكشوف حيث يصعب معها التأكد من استغلال هذا التمويل في القطاعات ذات الأولوية بل من المحتمل ان يقود الى زيادة المضاربات في أسواق العملة او القطاعات الأخرى مثل الأراضي الشيء الذي يقود الى نتائج كارثية في الاقتصاد السوداني والمتمثلة في تدني تمويل القطاعات ذات الأولوية والتي تعنى بزيادة الإنتاج في الاقتصاد تحقيقا لنسبة النمو المنشودة.
ودعا الى ضرورة التحسب لمخاطر النظام التقليدي المتمثلة في مخاطر السحب على المكشوف وآثاره السالبة على نمو الاقتصاد السوداني.
وشدد على أهمية دراسة تجربة الفروع الأجنبية في السودان والتروي قبل منح أي تصديق لبنوك تقليدية جديدة حتى يتم التأكد من جدوى القرار في استقطاب مصارف أجنبية ذات تصنيف عال إضافة الى توفيق أوضاع المصارف العاملة حاليا بالبلاد مع منحها الزمن الكافي لترتيب أوضاعها، وذلك في المحفظة التمويلية القائمة،والاستعداد بمنتجات إسلامية متنوعة قادرة على تلبية جميع احتياجات عملائها على نحو كاف لمنافسة الكم الهائل من منتجات النظام التقليدي.
ولفت الى إمكانية السوق المصرفي في السودان على اسسستيعاب مصارف جديدة في الظرف الحالي حيث أن العدد الحالي للمصارف مقارنة بحجم السوق مرتفع نسبيا بحيث لا يمكن استيعاب مصارف جديدة في هذا الصدد يمكن تحفيز المصارف التي ترغب في العمل بالنظامين”المزدوج” على الاندماج أو شراء بنك آخر بحيث يعمل كل منهما من خلال نظام مصرفي مستقل، واشار الى ان الدراسة اثبتت ان معظم فروع البنوك الأجنبية لم تسهم بالقدر المتوقع حتى ولو بقدر الودائع الخاصة بجميع المودعين السودانيين المتعاملين مع هذه المصارف وحتى فروع البنوك الأجنبية التي تبنت تمويل بعض السلع الإستراتيجية كانت فروع البنوك التي استحوذت على حسابات الشركات العاملة في استكشاف البترول وذلك عبر ربط هذه التسهيلات بنصيب حكومة السودان في صادرات البترول ،بيد انه عاد واكد ان ذلك لا يمنع ان بعض فروع البنوك الأجنبية العاملة بالبلاد وعلى نحو محدود جدا ساهمت في دعم الاقتصاد السوداني، واضاف ان هنالك تحفظا من فروع البنوك الأجنبية التي عملت بالبلاد من تقبل مخاطر العملاء المحليين بعدم قبول الضمانات المحلية التي تصنف لديهم ذات مخاطر عالية.
وكشف عن مساهمة مصارف في المنطقة العربية مثل البحرين ولبنان وبعض المصارف الإماراتية وبعض المصارف العاملة في لندن وجنيف ذات التصنيف المتوسط قد ساعدت كثيرا في تمويل عجز الميزان التجاري على نحو أكبر من فروع البنوك الأجنبية التي كانت قائمة وعاملة بالبلاد، بل إن الدعم الذي تم تقديمه من هذه المصارف على الرغم من عدم وجود فروع لها بالبلاد ساهم على نحو مقدر في استمرار دعم السلع الإستراتيجية.